
إنها آية خطيرة، تذكِّر بعظم المسئولية، وتثير الجانب العاطفي لمن يتأمل هذه الآية، وكأنه يذكِّر كيف ستكونون، لو كنتم تعرفون مسئوليتكم، وتعرفون كيف تحملونها {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} مثلما نقول: [حمِّيْهَا، كان المؤمل فيها كذا، وكانت، وكانت، و...] لهذا جاءت بالشكل الذي يوحي بان هذه الأمة ستتحسر على ماضيها، عندما ترى أنها فرطت، وضيعت. لم تأت العبارة بلفظ: [أنتم خير أمة أخرجت للناس]. {كُنْتُمْ} يقول المفسرون، معناها: وُجِدتم، بدون لحظ ماضي، وجدتم - هكذا - {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}.
ما هو الفارق بين أن يقول: أنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، وبين أن يقول: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}؟ فعلاً اخترتم لحمل هذه المسؤولية، وكنتم - مقارنة بالأمم الأخرى - من يؤمل فيهم أن يكونوا بمستوى حمل هذه المسئولية، ولكن ماذا؟ كيف يقول الناس؟ [حمِّيْهَا] أليسوا يقولون هكذا؟ يمسك على لحيته ويقول: والله كنتم المؤمل فيكم، أنتم كنتم المؤمل فيكم، أن تكونوا من تحملون المسئولية، من ترفعون راية الإسلام، من تصلح البشرية على أيديكم، من تقاتلون في سبيل الله حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين لله في الأرض كلها، ويظهر دينه على الأديان كلها، وتظهر كلمته على الكلمات كلها، ولكن فرطتم، وما زال التفريط، ما زال التفريط منذ أن كان رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) مريضاً إلى اليوم.
اقراء المزيد